تعج مراكز الغسيل الكلوي في اليمن بآلاف المرضى ممن ينتظرون دورهم للحصول على جلسات الغسيل الكلوي، نظراً لقلة الأجهزة والأسرّة والأطباء والمحاليل. وفي ظل تزاحم مرضى الفشل الكلوي على هذه المراكز، تتضاعف معاناتهم بإضافة همّ آخر إلى همومهم وآلامهم خشية توقف تلك المراكز لعدم توفر المواد والمستلزمات العلاجية والطبية الخاصة بجلسات الغسيل. انعدام مواد الغسيل الكلوي والنقص في الأدوية والمواد المساعدة للغسيل من "الكالسيوم والمغذيات وعلاجات زراعة الكلى"، إشكاليات تعاني منها مراكز الكلى في اليمن بصورة مستمرة بسبب استمرار العدوان والحصار منذ خمس سنوات. ويلجأ مرضى الفشل الكلوي إلى غسل الكلى عبر جهاز يعمل على تنقية الدم وتستغرق الجلسة ما بين 3 - 5 ساعات وتتكرر ثلاث مرات أسبوعياً. وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية وفرت لعدد من مراكز غسيل الكلى باليمن معدات ومحاليل وكميات من الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء، إلا أن هناك حاجة لمزيد من الدعم لتجنب إغلاق تلك المراكز وإنقاذ حياة المرضى. ففي محافظة المحويت، فرض تزايد أعداد المصابين مضاعفة أداء مركز الكلى الصناعي بالمستشفى الجمهوري بالمحافظة، حيث قدّم المركز خلال العام الماضي خدمات طبية لـ74 مريضاً رغم تحديات استمرار العدوان والحصار. وحسب مؤشرات الإحصاء السنوي الصادر عن المستشفى الجمهوري، بلغ إجمالي جلسات الغسيل بالمركز خلال العام المنصرم سبعة آلاف و260 جلسة بواقع 650 جلسة شهرية. تداعـــــيات العـــــدوان: يعاني مرضى الكلى بالمحويت، أوضاعاً صحية متردية جراء استمرار العدوان ومنع دخول المحاليل والأدوية الطبية الخاصة بهم، ما تسبب في زيادة معاناتهم وظهور حالات جديدة مصابة بالفشل الكلوي بين الحين والآخر. ووجد القطاع الصحي بالمحويت نفسه، أمام تحديات جمّة جراء الصعوبات لتلبية احتياجات المرضى ومنها مركز الغسيل الكلوي بالمحافظة الذي واجه وما يزال صعوبات في نشاطه ونقص في تقديم خدماته خلال العام 2018م، نتيجة تعطل كل أجهزة غسيل الكلى باستثناء جهازين لم يؤديا الغرض في تغطية جلسات الغسيل لـ 78 مريضاً. جهــــود وإسهـــامات فاعــلة: أسهمت جهود قيادة محافظ المحافظة والسلطة المحلية وقيادتي مكتب الصحة والمستشفى الجمهوري بالمحافظة ومنظمات دولية ورجال خير ومبادرات إنسانية في إنقاذ مرضى الكلى من الموت بتوفير المستلزمات والمحاليل والمتاح من الأجهزة لمعاودة تقديم خدمات المركز بشكل اعتيادي. وأشار مدير المستشفى الجمهوري الدكتور عبد الناصر الذاري إلى الجهود التي بُذلت لتزويد المركز بـ20 جهاز غسيل ومحطة تحلية ، وفرت تسعة آلاف جلسة غسيل. وبيّن أنه تم ترميم الصالة القديمة للمركز وتوسعتها وإضافة أسرّة جديدة وصلت إلى 17 سريراً. ولفت الدكتور الذاري إلى أن إدخال أجهزة جديدة وتوفير جزء من الاحتياجات، أثمرت تحسين خدمات المركز وتحقيق نجاحات في زيادة جلسات الغسيل. بدوره لفت مدير المركز الدكتور عبده مزارق إلى أن المركز يقدم يوميا 25 جلسة غسيل بدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تسهم في توفير جزء من احتياجات المركز وتغطية حوافز الكوادر الطبية والفنية. وبين أن المركز استقبل العام المنصرم 32 حالة مرضية جديدة بالإضافة إلى 42 حالة سابقة تخضع للعلاج منذ سنوات .. مشيرا إلى أن تزويد المركز بعدد من الأجهزة وإمداده بالمحاليل والعلاجات المطلوبة، مكنه من تقديم خدماته بشكل منتظم للتخفيف من معاناة مرضى الفشل الكلوي للوافدين من مديريات المحافظة ومن محافظتي حجة والحديدة. وأشار الدكتور مزارق إلى الطموحات في إنشاء مبنى خاص ومستقل لمرضى الكلى يحتوي على التجهيزات الطبية وصالات واسعة لاستيعاب حالات جديدة من المرضى .. مبينا أن المركز يعمل حاليا من خلال 21 كادرا ثمانية، منهم بحاجة لحوافز ودعم مادي. ونوه بدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر للمركز والذي ساهم في استمرار تقديم جلسات الغسيل للمرضى. ارتيــــاح المرضــى: شهدت خدمات المركز تحسناً ملحوظاً انعكس على أحوال المرضى والتخفيف من معاناتهم الصحية من خلال مستوى الرعاية والعناية المقدمة لهم، خاصة أن أغلب المرضى من الفئات الفقيرة الذين لا يملكون تكاليف العلاج. يقول عامر مقبول مريض يخضع للعلاج في المركز منذ 13 عاما، إن تعطل أجهزة الغسيل بالمركز خلال 2018 سبب له معاناة إضافية لاضطراره اقتراض مبالغ مالية للسفر للعاصمة صنعاء لتلقي جلسات الغسيل.. معبراً عن ارتياحه لاستمرار تقديم الخدمات الطبية حاليا بالمركز على النحو المطلوب. فيما أعرب مريض الفشل الكلوي فيصل الرياط والذي يتلقى العلاج بالمركز منذ 11 عاماً عن أمله في استمرار الرعاية الجيدة والعناية بخدمات المركز دون ظهور أي صعوبات قد تضاعف من مرضه. في حين لفت المريض علي المعافا إلى عدم قدرته على توفير تكاليف العلاج والسفر والخضوع لجلسات الغسيل خارج محافظة المحويت. وأكد ضرورة استمرار توفير الامكانات للمركز بالمحافظة بما يمكنه من استمرار تقديم خدمات الغسيل الكلوي لجميع المرضى مجاناً. بدوره أوضح سليم فتح الله الذي يخضع لجلسات الغسيل منذ ثماني سنوات أن حياة المرضى مهددة بالموت في أي لحظة في حال توقف الدعم وتعطل أجهزة الغسيل؛ فيما عبرت شقيقته سوسن التي تتلقى كل أسبوع جلستي غسيل عن الأمل في أن يتم بناء صالة غسيل خاصة بالنساء من خلال توسعة المركز. رهــــان النجــــاح: لا يتحقق طوق النجاة بمبادرات فردية ترتبط بظروف مؤقتة، لكن استمرار نجاح المركز يتطلب مبادرات فاعلة ومصفوفة برامج وخطط لمواجهة المخاطر والأزمات المحتملة. حيث عبر مدير مكتب الصحة بالمحافظة الدكتور أمين حبيش عن ارتياحه لاستمرار خدمات المركز.. لافتاً إلى الحاجة لصيانة أجهزة الغسيل بشكل دوري لضمان عدم تعرضها لأعطال قد ينتج عنها مخاطر في علاج المرضى وعجز في جلسات الغسيل المفترضة. وأكد أهمية تضافر الجهود لتعزيز الخدمات الطبية التي يقدمها المركز .. لافتا إلى ضرورة استمرار الدعم ومبادرة الصليب الأحمر في تزويد المركز بجلسات الغسيل والمستلزمات والمحاليل العلاجية شهريا بما يكفل التخفيف من أعبائه واحتياجاته. من جانبه أكد المشرف المناوب في جلسات الغسيل محمد الشويع، أهمية توسعة المركز ودعم طاقمه وكوادره لتوسيع نطاق الخدمات المنقذة لحياة المرضى. ذوكر أن المركز يعد الوحيد في المحافظة الذي يستقبل حالات الفشل الكلوي من مختلف المديريات والمحافظات المجاورة. ورغم تجاوز التحديات والمخاوف بشأن وضع المركز وامكانياته في مواصلة تقديم خدمات جلسات الغسيل الكلوي لأكثر من 74 مريضاً على النحو الأمثل، يبقى الأمل مرهوناً بالجهود والمبادرات الرسمية والمجتمعية لدعم احتياجاته الضرورية ليتمكن من إنقاذ المصابين بالفشل الكلوي.